في كل ليلةٍ اضعُ رأسي على وسادتي و أهمس, فيختلط نفسي بنفسها و أبوح لها أني أحبها و أنها الوطنُ و الأمان و العشقُ الازلي  ..نعم أحبها و أعطرها بعرق جبيني  الدافىء, أسقيها من دموع قلمي البائس, اكتبُ لها رسائل حبٍ على دفتري اليتيم , أزرعُ بذور حبها على قمة قلبي و أسقيها من دمي على أمل أن تحبني يوماً ..

اقفُ لأستنشق هواها في سهل حوران فأرمقها هناك على باب طاحونة هوائية كبيرة,  تشير لي بعيونها الفاتنة أن أدخل .. فأركضُ بلهفة العاشق دخولاَ ثم تطلب مني ان اطحن من اجلها فأهز رأسي صعوداً و نزولاَ مبتسم موافق من غير تردد, و اقنع نفسي أنها سكرات الحب, قلمي و دفتري و قلبي و البضعة دنانير المتبقية في المحفظة تطحن ها هنا ليسرقها الطرف الثاني – حبيبها -  الذي لم يعطيها اقل من اقل شيء قدمته لها .. يسرقها ليثري قصره و زوجته و ابنه الطائش, زرعتها أنا في قلبي سوسنة جميلة, و زرع هو في حديقة  قصره بضع اشجار مسروقة  من واحة بلدتي الصغيرة, و عندما يُبعدُ ذاك السارق العاشق عن أوانيه الفضية خلف قضبان حريرية, تسارع هي في حجز مقعد من الدرجة الأولى ليطير خارجاً و يكتفي بما سرق  لينعم بحب شقراء يافعة اوروبية ..

أجمعُ مسحوقي و اعجنه بدموعي و اعود لحبها, فكذا حبها لا ترجع ولا استسلام, اعود لأتنقل امام نور عينها برحلة شقاء يومية بحافلة تنشد حبها طوال اليوم و مذيع يعلموني و امثالي كيف الحب و كأنه لا يدري اننا مدارس في الحب.. فاتفاجىءُ في صباح بارد ماطر ان  سارق جديد سرق نور عينيها و سرق الطريق و الجسر و الدوار فأضيع في طرقي و اتصل لاسأل المذيع اين الطريقُ و اين نورهُ و اين الجسر و ما اسباب ازالة هذا الدوار !!! فيرد بدبلومسية و كأنه لا يريد ان يجرح شعوري النبيل, لكني علمتُ اني  لستُ حبيبها و اني الطرف الثالث من جديد.

دوري في المشهد فرعي, و يبدو انه انتهى, سأقف جانب و اشاهد ادوار البطولة, أمانتُها تسرق, مؤسساتُها تسرق , طرقُها و ارصفتها تسرق, حتى قوارير مائها تسرق, و ذاك المحب المحافظ على امانتها و مؤسساتها و طرقها بأرصفتها و انوارها يحرق, ويسدل الستار و يشتعل الجمهور تسفيقاً و انا و من مثلي ما زلنا نحرق.

حبيبتي الغافلة كما قالها صديقٌ عاشق " سأضل اقول احبك و ان طال انتظاري فأن لم تكوني قدري فقد كنتي اختياري"   فانا عشاق و في حشاشة قلبي اصرار .. لن اجبرك على حبي لكنك لن تجدي سارق بعد اليوم لتحبي, و سأجد لنفسي دور بطولة في مشهد قريب, اعدكي

و سيعود رجالكِ الى سجونهم و سيرجعون ما سرق, قلمي, دفتري, طرقك, ارصفتك, و مؤسساتك, حتى بذورك التي زرعتها على قلبي سترجع, حبيبتي لا تحزني فعالمُكِ مكتظٌ بأمثالي سنكون لك لنحبك و نذكرك كيف يكون الوفاء.